السبت، 18 فبراير 2012

هل‮ ‬ينال‮ »‬قانون الأزهر‮« ‬من حـرية الإبـداع؟‮!‬




في الوقت الذي تعالت فيه صيحات نواب البرلمان،‮ ‬منادية بعدم دستورية القانون الجديد للأزهر،‮ ‬بعد تصديق المجلس العسكري عليه في‮ ‬19‮ ‬ينايرالماضي،‮ ‬أي قبل انعقاد أولي جلسات البرلمان بثلاثة أيام‮.. ‬تزايد قلق أصحاب الفكر خوفا من وضع أي قيود‮ - ‬حين‮ ‬يناقش في المجلس‮ - ‬من قبل بعض التيارات المتشددة‮ ‬،تحد من حرية الابداع والفكر،‮ ‬خاصة أن هؤلاء حين خرجوا الي المجتمع أصابوه بالفزع‮.‬
وهناك شك‮ ‬ينتاب النخبة المثقفة حيال هذا التغيير الذي طرأ علي القانون‮ ‬103‮ ‬لعام‮ ‬1961‮ ‬الخاص بتطوير الأزهر،‮ ‬فيما‮ ‬يخص حرية الثقافة والابداع وللوقوف علي ما تم تغييره في هذا القانون،‮ ‬كان هذا التحقيق مع بعض أعضاء اللجنة التي قامت به‮.‬
الدكتور فؤاد النادي أستاذ القانون الدستوري وعضو اللجنة أكد أن اللجنة قامت بتعديل بعض مواد،‮ ‬واضافة فقرات علي البعض الآخر،‮ ‬مشيرا الي أن القانون‮ ‬103‮ ‬لم‮ ‬ينص علي اعتبار الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية،‮ ‬كما لم‮ ‬ينص علي انشاء فروع للأزهر في عواصم المحافظات،‮ ‬وخارج جمهورية مصر العربية،‮ ‬فجاء التعديل من أجل ذلك‮.‬
ويضيف‮: ‬كانت المادة الثانية في القانون تنص علي‮ »‬الأزهر هو الهيئة العلمية الاسلامية الكبري التي تقوم علي حفظ التراث الإسلامي،‮ ‬ودراسته وتجليته ونشره،‮ ‬وتحمل أمانة الرسالة الاسلامية الي كل الشعوب،‮ ‬وتعمل علي اظهار حقيقة الاسلام وأثره في تقدم البشر ورقي الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا وفي الآخرة،‮ ‬كما تهتم ببحث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية،‮ ‬واظهار أثر العرب في تطور الانسانية وتقدمها،‮ ‬وتعمل علي رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والانسانية والقيم الروحية‮.. ‬كما تهتم بتوثيق الروابط الثقافية العلمية مع الجامعات والهيئات الاسلامية والعربية والأجنبية‮«.‬
وأوضح النادي أنه تمت اضافة فقرة علي هذه المادة تنص علي أن‮ »‬الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية،‮ ‬ويكون مقرها القاهرة ويجوز أن تنشيء فروعا لها في عواصم المحافظات في مصر،‮ ‬أو في دول العالم تحقيقا لأهدافها العالمية السابق الاشارة اليها في هذه المادة،‮ ‬بما في ذلك انشاء المعاهد والمراكز الاسلامية والبحثية والكليات الجامعية،‮ ‬وتكفل الدولة استقلال الأزهر،‮ ‬كما تكفل الدعم المادي المناسب له ولجامعته وكافة هيئاته،‮ ‬ويمثل الأزهر المرجع النهائي في كل ما‮ ‬يتعلق بشئون الاسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة‮«.‬
بينما قال الدكتور حامد أبوطالب،‮ ‬عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق،‮ ‬وعضو مجمع البحوث الاسلامية‮. ‬إنه فيما‮ ‬يخص تخوف النخبة المثقفة من تقييد حرية الابداع،‮ ‬فنحن نطمئن الناس علي أن الأزهر‮ ‬يعمل علي رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع،‮ ‬والأهداف الفنية،‮ ‬والانسانية،‮ ‬والقيم الروحية،‮ ‬وأن الفقرة الخاصة بحرية الابداع والفكر لم‮ ‬يطرأ عليها أية تغيير علي الاطلاق‮.‬
وحول اعتراض نواب البرلمان علي عدم دستورية القانون‮ ‬يقول الدكتور حامد‮: ‬مما لاشك فيه أن جميع الجماهير المصرية،‮ ‬بكافة أطيافها تهدف وتنادي باستقلال الأزهر،‮ ‬ومعني الاستقلال الحقيقي هو عدم تدخل‮ ‬غير رجاله فيه،‮ ‬وإذا أرادوا استقلال الأزهر كما‮ ‬يقولون،‮ ‬فينبغي ألا‮ ‬يتدخل‮ ‬غير رجال الأزهر في شئونه‮.‬
وتساءل‮: ‬هل‮ ‬يعني أنهم‮ ‬يقصدون استقلال الأزهر عن السلطة التنفيذية ويتحكمون هم في الأزهر؟‮! ‬فإن كانوا صادقين في طلبهم استقلال الأزهر فليكن الأزهر مستقلاً‮ ‬تماماً‮ ‬كالقضاء‮.‬
ويؤكد أن شيخ الأزهر د.أحمد الطيب ورجال الأزهر لا‮ ‬يمانعون في عرض القانون علي مجلس الشعب،‮ ‬ولكن‮ ‬يتم مناقشة الأزهريين والمشيخة في مطالبهم وما‮ ‬يريدونه من هذا التعديل‮.‬
الدكتور فؤاد النادي‮ ‬يري،‮ ‬أنه دستوريا لابد أن تعرض
‮ ‬جميع المراسيم بقانون،‮ ‬التي صدرت في‮ ‬غيبة البرلمان علي المجلس النيابي ليقرها كما‮ ‬يري أن مجلس الشعب الذي اختير اختيارا حرا من جماهير الأمة،‮ ‬وحصل علي أغلبية لم تتحقق منذ ما‮ ‬يقرب من‮ ‬60‮ ‬عاما،‮ ‬وهو الذي‮ ‬يعبر عن سيادة الأمة،‮ ‬والأمة بأسرها تسعي وتنادي بتوكيد استقلال الأزهر،‮ ‬وألا تكون هناك سلطة داخل الحكومة تستطيع أن تعقب علي قراراته‮.‬
بينما‮ ‬يناشد د.حامد أبوطالب أعضاء البرلمان في اللجنتين التشريعية والدينية،‮ ‬المعنيتين بمناقشة القانون،‮ ‬أن‮ ‬يحققوا مطالبهم ومطالب الشعب،‮ ‬ومطالب الأزهر في الاستقلال ويقروا التعديلات كما‮ ‬يراها الأزهريون‮.‬
ويضيف‮: ‬كما نأمل من اللجنة التي سيعهد اليها بوضع الدستور أن‮ ‬يحظي الأزهر بمادة مستقلة تكفل له الاستقلال عن الحكومة،‮ ‬كما حظي مجلس الدولة المصري بالمادة‮ ‬68‮ ‬من الدستور التي كفلت له الاستقلال،‮ ‬لأن مثل هذا النص‮ ‬يدعم هذا الاستقلال،‮ ‬ويحول دون تدخل السلطة التنفيذية‮ »‬الحكومة‮« ‬في أعماله باعتباره المرجعية الأولي في كل ما‮ ‬يتعلق بشئون المسلمين،‮ ‬بما معناه وجود نص في الدستور الجديد‮ ‬يضمن للأزهر استقلاله وتفرده بالمرجعية‮.‬
‮> ‬علي ذكر المرجعية‮.. ‬لمن تكون المرجعية في حال وجود خلاف علي عمل ابداعي،‮ ‬ربما تعرض لنقد ما؟
يجيب د.حامد‮: ‬المرجعية في هذه الحالة تكون لمجمع البحوث الاسلامية وهيئة كبار العلماء،‮ ‬التي نص عليها التعديل الجديد لقانون الأزهر فالهيئتان مكملتان لبعضهما،‮ ‬وهما تضمان نخبة من علماء المسلمين في شتي المناحي‮.. ‬مؤكدا أن الأزهر لم‮ ‬يتشدد في سلطته علي رقابة الفكر أو الانتاج سواء كان علميا،‮ ‬أو أدبيا،‮ ‬أو فنيا،‮ ‬ولن‮ ‬يمس مخرجات هذا الفكر من قريب أو بعيد‮.‬
مشيرا الي أن التعديلات التي أردناها نحن الأزهريين منصبة علي استقلال الأزهر وهيئة كبار العلماء،‮ ‬وانتخاب فضيلة الامام الأكبر،‮ ‬والشروط الواجب توافرها فيمن‮ ‬يتولي هذا المنصب،‮ ‬ومدة بقائه علي رأس المشيخة‮.‬
بمجرد الاعلان عن تصديق المجلس العسكري لقانون الأزهر خرجت حملة انتقادات شرسة،‮ ‬حول دستوريته،‮ ‬وتعديل مواده،‮ ‬حتي أن تلك الحملة نالت شيخ الأزهر مؤكدة أنه‮ ‬يرغب في الانفراد بتعديل هذا القانون‮.‬
حول هذا‮ ‬يقول د.حامد أبوطالب:بداية رفض فضيلة الامام الأكبر د.أحمد الطيب،‮ ‬الانفراد بالاختيار أو حتي الاشتراك في الاختيار،‮ ‬وترك ذلك للجنة من كبار العلماء،‮ ‬وأناط بهم تطبيق الشروط علي مجمع البحوث لبيان من تنطبق عليه شروط اختيار هيئة كبار العلماء‮: ‬وهذه اللجنة تتكون من‮: ‬الشيخ محمد الراوي،‮ ‬د.الأحمدي أبوالنور‮ (‬وزير الأوقاف الأسبق‮) ‬د.نصر فريد واصل‮ (‬المفتي الأسبق‮)‬،‮ ‬د.محمد مختار المهدي،‮ ‬رئيس الجمعية الشرعية،‮ ‬د.حسن الشافعي،‮ ‬هذه اللجنة هي التي ستختار نواة أعضاء مجمع البحوث الاسلامية،‮ ‬ثم‮ ‬يقوم الأعضاء الذين تتوافر فيهم الشروط باختيار أو انتخاب،‮ ‬بقية أعضاء هيئة كبار العلماء،‮ ‬دون أن‮ ‬يكون فضيلة الامام واحدا منهم‮.‬
وردا علي أن شروط هيئة كبار العلماء مجحفة بحيث أنها لو طبقت علي الشيخ الشعراوي أو الغزالي لخرج منها،‮ ‬يقول أبوطالب‮:‬‮ ‬هذه نماذج من أجيال مضت،‮ ‬فهل‮ ‬يعقل أن توضع شروط لنماذج وشخصيات من أجيال مضت؟ نحن ننظر الي الأمام وينبغي أن تتغير الأمور وفقا لتطور الحياة،‮ ‬فلم تعد‮ - ‬الآن‮ - ‬الشهادة العالمية هي نهاية المطاف،‮ ‬كما كانت وقتهم،‮ ‬والمشكلة أن هؤلاء‮ ‬يبحثون عن عيوب وقد قالوا قديما‮ »‬ومَن بحث عن عيب وجدّ‮ ‬وجد‮«.‬
وردا علي أن شيخ الأزهر أراد التعجل في التصديق علي القانون خوفا من مواجهة الاخوان الذين‮ ‬يمثلون الأغلبية في البرلمان،‮ ‬خاصة أن شيخ الأزهر كان له موقف ضد ميليشياتهم أثناء رئاسته لجامعة الأزهر‮ ‬يؤكد د.حامد أبوطالب‮: ‬أن فضيلة الامام الدكتور أحمد الطيب ليس بينه وبين الاخوان أو‮ ‬غيرهم من الاتجاهات أية حساسيات ويكفي أن مرشد الاخوان المسلمين د.محمد بديع،‮ ‬يكن لفضيلته كل حب وتقدير،‮ ‬هذا ما ظهر في اللقاءات التي عقدت بينهما ومن ثم فليس هناك أي مبرر للخوف من جماعة الاخوان،‮ ‬وفيما‮ ‬يخص موضوع الميليشيات وما الي ذلك،‮ ‬فهذا أمر وقع فعلا،‮ ‬وخطأ استدرج أمن الدولة جماعة الاخوان اليه،‮ ‬وهم قد وقعوا فيه ويعترفون بهذا الخطأ‮.‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق